حينما أتحدث عني ...أكتشف أني لا أملك الكثير لقول...ينفلت لساني كثيرابالبوح...ويخرج محملاً بآلام شتي...أكتشف أني صندوق الدنيا ...تذكرني نفسي بالبيانولا ..برنامج كان يقدمه عبد الرحمن ابو زهرة في إذاعة الشرق الأوسط...تمتلىء البيانولا بالذكريات ...وآآآآآآه من الذكريات ...حينما تختلط مشاعر الفرح والحنين ..ليخرجوا هذا الطعم الفريد بنكهة الشجن...
بيانولا هي أنا .. مزيج من الذكريات تتوارى ..خلف حدود الامسموح...وتحت ركام الحياة اليومية التي لا ترحم...
بيانولا أنا ... تنتظر من يوقظها ...ويبعثر محتوياتها...
حينما اتحدث عن نفسي..أجد مساحة ما هو للنشر أقل بكثير... خاصة أن كثير من تلك المساحة القابلة للنشر ضارباً بجذوره في منطقة الممنوع من النشر...لأجد نفسي اتوقف في منتصف الحدوتة لأسل من معي أحنا كنا فين ؟ مدعية النسيان .. او اتوقف لأسئل عن الساعة أو تاريخ اليوم - الذي طالما سألت عنه مئات المرات يوميا_ فقط لأهرب من احساس عدم النشر الذي يراودني ..
حينما كنت صغيرة كانت لي صديقة أسمها منى .. منى هي توأم شيماءلكنهما مختلفتان...
منى رومانسية حالمة .. يسهل خداعها .. مثل سنى كان الاطفال حواديت تمشي على الارض
مفعمين بالحيوية والخيال .. غرقي في نشوة المستقبل الغامض وما يأتي به...
أبعثر مخزون ذكرياتي .. افتش عما يصلح للسرد.... فلا أجد...اقرر أن إنشأ لنفسي عالماً من ذكريات ...
دينا ... كانت دينا تصغرني بثلاثة او أربعة أعوام ...كنت بالنسبة لها وصديقاتها ...لا ادرى ما كنت أمثله لهم ... هم كانوا يمثلون لي الطفولة المكبوتة المنسية بداخلي... لتحتل مكانها أحلام أكبر .. انعكاسات لواقع مؤلم وغد مريب.....
كنت أنسج الحكاوى عن دينا لأقصها على منى ... اليوم كان حفلة عيد ميلادي ...ماما لبست لبس الدوب وخرجت على دينة فزعتها ...لأول مرة تعلنها منى .. أن مش مصدقاكي...فأوكد لها صحة كلامي ....
حينما اتكلم مع نفسي .. اخرج السكين المنغرز في قلبي ...واضبطني اتسلى بغرزة في جسدي
احاول أن انسج لنفسي وشاح من الذكريات .. اتلحف به إذا ما تعبت من برد العمر...
افتش عن صور لي صغيرة فلا أجد إلا قليل ...وقليل جدا ما جمعتني صور بأشخاص ....
حتى في صوري كنت وحيدة ....هذه صورتي وعمري سنة...وحدي أجلس ...جميلة لدرجة أني شككت في الصورة لولا أن رأيت التاريخ خلف الصورة مدون...
هذه صورتي وأنا أجلس على رجل أبي في فرح أحدى قريباتنا...عمرى ثلاث سنوات ..تلك هي الصورة الأولى والأخيرة التي جمعتني به....
صورى الأخرى كانت عن عيد ميلادي لأ أدري ايهما .. لكني اعتقد أنه السادس...
وحدي أيضاُ وإن كان خلفي ,, أخوتي وأقربائي...ارتدي حذاء "بوط" برسومات مثلثه كتلك التي على الفستان ... فستان قطيفة بيج ... والمثلثات بنى ....
عندما أنوي التحدث عن نفسي ..أجدني وحيدة .. في ذكرياتي وحيدة ... في طفولتي ...وحديدة ... هرة .. لم تجد امها لتعلمها ...كيف هي الحياة .. كي تصطاد .. كيف تطارد الفراشات...
في منطقة المسموح بالنشر...لقطات لطفلة لا تتجاوز الحادية عشرة...اسير بجوار فيلا قرب بيتنا القديم ... أستمتع وحدي برؤية أشجار البنفسج....حزينة ووحيدة مثلي....
تتأمل الآخرين ..في صمت ...
حينما اتحدث عن نفسي ...أفقد كل الكلمات الرنانة والبراقة لتحل محلها الكلمات الثكلي ..المهزومة .. كلمات تشربت مثلي وجع السنين
حينما أتحدث عن نفسي أدرك تماما أني اتكلم عن تلك التي أطالعها كل يوم بالمرآة ... لا تلك التي تعيش في ذلك الجسد....
أدرك تماما حين أتحدث عن نفسي .. أني سأترك ذلك الانطباع السيء عني لدى الآخرين
أدرك الآن تماما .. أنه يجب أن أتوقف عن الحديث عن نفسي أمام أحد ....
هناك تعليقان (2):
السلام عليكم
لا, هذه أنا !!!!!!!!
أنت تتكلمين عني
فمساحة البوح الداخلي عندي غير قابلة للنشر
وما أنشره عني أعتقد أنه لا يهم أحد
وان اهتم به أحد فهو لا يعكسني
وهذا التعليق يندرج تحت عدم البوح ولهذا سأفعل مثلك وأتوقف عن الكتابة مع اعجاب شديد لوصفك ودهشة أشد لهذا التطابق !!!!!
السلام عليكم
اتعلمين شيئا كثيرا منا
يخرج من لا يستطيع البعض ان يخرجه
او يعبر عنه تتكلمين عن احساس
الكثيرين
إرسال تعليق